أطفالُنَا: بينَ خَطَرِ القنواتِ وضياعِ القِيَمِ والعادات.

December 25, 2014 ☼ مقالات

بسم الله الرحمن الرحيم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أهلا وسهلا بكم زوار مدونتي الصغيرة في موضوعٍ جديد، وقد استثارني هذا الموضوع إلى درجة أني بدأت الكتابة بمجرد حدوثه، فلننطلق معاً كي نتحدث عنه وعن أبعاده:

هنالك العديد من القنوات الموجهة للطفل في عالمنا العربي، منها ما هو جيد ويراقب المحتوى المنشور وذلك بإعداد دراسات حول مدى تأثيره في شخصية الطفل، ومنها ما ينشر البرامج والمغامرات دون تمحيص أو دراسة لتأثيراتها الجانبية سواءً أكانت إيجابية أو سلبية في شخصية الطفل المتابع. وقد رأيت -مع الأسف- العديد من القنوات التي تنشر برامج لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية أولا، ثم عاداتنا وتقاليدنا وتربيتنا ثانيًا، على الرغم من أن بعض هذه القنوات التي أتحدث عنها تُبَث من هنا، من بلاد الحرمين الشريفين. فكيف حدث هذا!

للإعلام تجاوزاته دومًا على مختلف الأصعدة، ولكن قد تكون هذه التجاوزات في منتهى الخطورة عندما نتحدث عما يُوَجَّه خِصِّيصًا للأطفال، ومن المعلوم أن الطفل في سنوات عمره السبع الأولى يجمع المعلومات من كل ما يحيط به، بما في ذلك أفراد العائلة والأقران والأقارب وأيضًا التلفاز، حيث يقضي الطفل ساعات من يومه يُحَدِّقُ في التلفاز، ويجمع المعلومات أو يحاول تقليد تلك الشخصيات التي تظهر في الرسوم المتحركة.

ولَكنَّ السؤال: إلى ماذا يُجَرُّ الأطفال؟

كنت بالأمس أتناول طعام العشاء مع عائلتي -حفظهم الله لي- وكان ابن أخي الصغير في حالة انسجام كامل مع ما يُعْرَضُ على الشاشة، شَدَّني الفضول لأعرف ما الذي يستهويه؟ ماذا يُتابِع؟ كانت إحدى أفلام الرسوم المتحركة التي لم يُتابعها جيل أبطال الديجتال ولا سَنْشيرو، ولا حتى الرجل الحديدي ولا قراندايزر.

إنها مغامرات جيل المستقبل:

كانت قصة المغامرة التي شدت ابن أخي الصغير لمتابعتها هي أنه قد أُعْلِن في الأخبار عن أن كلبًا اختُطِفَ مِن قِبَلِ قِطَّة، وأنه جاري البحث عن الرهينة المفقودة. وبعد البحث والتمحيص والتخطيط والتدبير والاستغراق في التفكير، ظهر ذلك المذيع على التلفاز، ليقول أن حادثة الاختطاف ما هي إلا كذبة إبريل” وهي كذبة بيضاء ونحن أردنا إضحاككم، فماذا يعرف هذا الطفل عن كذبة إبريل؟

مشكلة بعض قنوات الأطفال العربية هي أنها تنقل القصة كما هي موجودة عند الغرب، دون أدنى مراعاة للدين أو العُرْف أو العادات والتقاليد، ومشكلة البعض الآخر منها هي أنها تنسخ محتوى القنوات الأخرى دون دراسة تأثيراتها على الأطفال، فهل هذا خطأ” من تلك الأخطاء التي لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع بها، أَم أن هنالك قصة أخرى في الخفاء؟

إنها ليست مجرد هَفوة!

عندما تَصَفَّحْتُ بعض مواقع الشبكة العنكبوتية وقلَّبْتُ بين قنوات الأطفال العربية، وجدت الكثير والكثير من العادات والسلوكيات الخاطئة التي تُعَلِّمُها هذه القنوات لأطفالنا ضمن برامجها، ولعل من أبرزها الاحتفال بعيد الميلاد Xmas” وهناك كثير من المشاهد التي لا تصلح للعرض لعدم موافقتها أحكام الشرع، مما يطرح سؤالاً يقول: من المسؤول عن غرس هذه الأفكار في رؤوس أطفالنا؟

إذًا، هل المنع هو الحل؟

من وجهة نظر شخصية لا أظن أن منع الأطفال من مشاهدة التلفاز يُعَدُّ حلًّا ناجحًا، بَل ما يتوجب علينا فعله هو اختيار القنوات المناسبة للطفل، وتأصيل المبادئ والقيم الإسلامية السمحة في نفسه تَأْصيلاً ثابتًا قويًّا لا تهزه البرامج ولا المغامرات التي تبثها تلك القنوات.

وفي ختام مقالي هذا، أتمنى أن يعي صُنَّاعُ القرارِ في إعلامنا العربي حقيقَةَ أن رضا الله عز وجل عنهم أولاً، وثقة المجتمعات ثانيًا، والأطفال الذين يُعَدُّونَ أمانةً في أعناقِهِم ثالثًا، أهم من كل مال الدنيا، فليتقوا الله في أنفسهم وليؤدوا الأمانة بإخلاص، وليعلموا أنهم مسؤولون يوم القيامة، يوم لا ينفع الندم.

أما أنتم أعِزَّائِي القُرَّاء، فأشكُرُكُم على وقْتِكُم الثمين، وأتمنى لكم يومًا حافِلاً بالإنجازات، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


رخصة المشاع الابداعي
هذا المُصنَّف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف - غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي.